إدارة الشئون الفنية
فضل عشر ذي الحجة

فضل عشر ذي الحجة

01 يوليو 2022

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 2 من ذي الحجة 1443هـ - الموافق 1 / 7 / 2022م

فَضْلُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيرًا. ) يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ( [النساء:1].

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ أَظَلَّتْنَا أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ، وَمَوَاسِمُ لِلْخَيْرِ كَرِيمَةٌ، أَيَّامٌ تُضَاعَفُ فِيهَا الْحَسَنَاتُ، وَمَوَاسِمُ تُكَفَّرُ فِيهَا السَّيِّئَاتُ، وَتُقَالُ الْعَثَرَاتُ، وَتُجَابُ فِيهَا الدَّعَوَاتُ، اخْتَارَهَا اللهُ تَعَالَى لِتَكُونَ أَفْضَلَ أَيَّامِ الدُّنْيَا مَنْزِلَةً وَتَكْرِيمًا؛ إِذْ أَقْسَمَ بِهَا فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ إِظْهَارًا لَهَا وَتَعْظِيمًا ؛ فَقَالَ جَلَّ اسْمُهُ وَتَعَالَى ذِكْرُهُ: ]وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ[ [الفجر:1-2]. وَسَمَّاهَا الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ]لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ[ [الحج:28]، وَشَهِدَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا؛ فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ» يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ [أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].

وَحَثَّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِيهَا وَاغْتِنَامِهَا، وَالْإِكْثَارِ مِنَ الطَّاعَاتِ فِي لَيَالِيهَا وَأَيَّامِهَا؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي: أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ].

وَمِنْ فَضَائِلِ الْعَشْرِ الْكَثِيرَةِ: ذَاكَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ، مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر]. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا» [أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا]. فَيُشْرَعُ فِيهَا التَّكْبيرُ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ، فَأَمَّا التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ فَيَكُونُ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَمَّا التَّكْبِيرُ المُقَيَّدُ فَيَكُونُ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ المَفْرُوضَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ - لِغَيْرِ الحَاجِّ - إِلَى صَلَاةِ العَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ الإِجْمَاعُ، كَمَا قَالَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَهُوَ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.

مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ:

وَفِي هَذِهِ الْعَشْرِ تَزْدَادُ الْبَرَكَةُ بِيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَلَيْلَةِ مُزْدَلِفَةَ وَيَوْمِ عَرَفَةَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَقْسَمَ اللهُ بِهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ]وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ [ [الفجر:3]، فَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ لِكَوْنِهِ التَّاسِعَ، وَالشَّفْعُ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ لِكَوْنِهِ الْعَاشِرَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَغَيْرُهُ.

وَفِيهِ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ إِكْمَالِ الدِّينِ وَإِتْمَامِ النِّعْمَةِ؛ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا نَزَلَتْ- مَعْشَرَ الْيَهُودِ- لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: وَأَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ] الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا[ [المائدة:3]، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، «نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ» [أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ].

وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ يَكْثُرُ عِتْقُ الرِّقَابِ مِنَ النَّكَالِ وَالْعَذَابِ؛ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِمِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ]، وَصِيَامُهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَلِيَّ العَظِيمَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِتَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، وَوَفَّقَنَا لِذِكْرِهِ وَعِبَادَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَلَا فِي أُلُوهِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلِيقَتِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحَابَتِهِ، الَّذِينَ عَاشُوا عَلَى سُنَّتِهِ، وَمَاتُوا عَلَى مِلَّتِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا دَائِمًا دَوَامَ شَرِيعَتِهِ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ كَمَا أَمَرَكُمْ؛ يَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ كَمَا وَعَدَكُمْ.

مَعَاشِرَ المُؤْمِنِينَ:

إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مُتَعَدِّدَةٌ، وَمَيَادِينَ التَّسَابُقِ إِلَى الْفَضَائِلِ فِيهَا مُتَجَدِّدَةٌ، فَطُوبَى لِمَنِ اغْتَنَمَهَا بِالْجِدِّ وَالتَّشْمِيرِ وَالْعَمَلِ، وَتَجَنَّبَ التَّسْوِيفَ وَالتَّثَاقُلَ وَالْكَسَلَ، وَفِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ يَجْتَمِعُ مِنْ أُمَّهَاتِ الطَّاعَاتِ مَا لَا يَجْتَمِعُ فِي غَيْرِهَا مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ الْمُتَوَالِيَاتِ؛ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْقُرُبَاتِ.

وَمِنْ خَيْرِ الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعِظَامِ: الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ؛ لِأَدَاءِ الرُّكْنِ الْخَامِسِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، فَاحْرِصُوا عَلَى هَذِهِ الْغَنِيمَةِ، وَابْتَغُوا أُجُورَهَا الْعَدِيدَةَ الْعَظِيمَةَ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ: رَجَعَ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» [أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ].

وَمِنْ خَيْرِ الْأَيَّامِ: يَوْمُ النَّحْرِ؛ أَيِ الْعَاشِرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَهُوَ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ؛ كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» [أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَيَوْمُ الْقَرِّ: هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَسْتَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى، وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالنَّحْرِ فَاسْتَرَاحُوا وَقَرُّوا.

وَمِمَّا يُسَنُّ فِعْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ الْمُبَارَكَةِ: التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَضَاحِيِّ وَالْهَدَايَا، وَشُكْرُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الْهِبَاتِ وَالْمِنَحِ وَالْعَطَايَا؛ إِذْ أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: ]فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ[  [الْكَوْثَرِ:2]، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الحَجِّ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «العَجُّ وَالثَّجُّ» [أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَالْعَجُّ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّجُّ: نَحْرُ الْهَدَايَا وَإِرَاقَةُ الدِّمَاءِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ] لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ[ [الْحَجِّ: 37].

عِبَادَ اللهِ:

وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنِ الْأَخْذِ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَجِلْدِهِ مِنْ دُخُولِ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ حَتَّى يُضَحِّيَ؛ لِمَا رَوَتْهُ أُمُّ سَلْمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وَفِي رِوَايَةٍ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ: فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» [رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ].

فَـتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ مَوْلَاكُمْ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ؛ فَإِنَّ فِيهَا لِلَّهِ نَفَحَاتٍ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ، فَمَنْ أَصَابَتْهُ سَعِدَ بِهَا آخِرَ الدَّهْرِ. فَالْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ بِانْتِهَازِ الْفُرْصَةِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ العَظِيمَةِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالأَئِمَّةِ المَهْدِيِّينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقَنَا جَمِيعاً لِاغْتِنَامِ الأَوْقَاتِ بِالطَّاعَاتِ، وَأَنْ تَحْمِيَنَا مِنْ فِعْلِ الْـمُنْكَرِ وَالسَّيِّئَاتِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْـمُسْلِمَاتِ، الْـمُوَحِّدِينَ وَالْـمُوَحِّدَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ؛ إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَهَيِّئْ لَهُمَا بِطَانَةً صَالِحَةً تَدُلُّهُمَا عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمَا عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً، دَارَ عَدْلٍ وَإِيمَانٍ، وَأَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْـمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

  لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني